(photo: screenshot from the promo)
"يوم في أكتوبر" ( One Day in October \ שחר אדום) هو مسلسل إسرائيلي - أمريكي قصير، أخرجه عوديد دافيدوف، وشارك في كتابه عدد من كُتّاب السيناريو. انطلق الموسم الأول منه في 7.10.2024 والموسم الثاني في 7.10.2025 على قناة yes الإسرائيلية. يتألف كل موسم من 10 حلقات تركّز كل منها على قصة شخصية، لمواطنين، وحرس البلدات، ومجندات، ومسعفين، وغيرهم. يندرج المسلسل تحت تعريف "إثارة نفسية ودراما" وهذا التعريف كفيل بمدنا بالكثير من المعلومات من وراء كتابة وإنتاج هذا المسلسل. تم عرض الموسم الأول على شبكة "فوكس" الأمريكية، وفي شهر تموز الأخير تم الإعلان عن الموسم الثاني فاستحوذت على حقوق بث المسلسل شبكة HBO.
أنا لم أشاهد أي حلقة من المسلسل. لكن، كل من يشاهد ملخصات الحلقات عبر يوتيوب أو موقع قناة yes أو الفيديو الترويجي للموسم الثاني، ينتبه لمدى الدقّة في محاكاة المسلسل للمَشاهد التي انتشرت خلال العامين الأخيرين ومصدرها كاميرات مراقبة البيوت والشوارع او كاميرات سكان البلدات المتاخمة لقطاع غزة، وكاميرات الجهات الرسمية كالجيش والشرطة، وحسب ما نشر الممثلون عبر شبكات التواصل الاجتماعي، فقد شاهدوا كمًا كبيرًا من مقاطع الفيديو خلال العمل على المسلسل، فنتج عن ذلك إعادة تمثيل مشاهد حقيقية مدعمّة بالكثير من المؤثرات والموسيقى والتقريب والماكياج ولهذا أهمية كبيرة في التأثير على الممثلين أولًا وتحوّل العمل الدرامي من عمل تلفزيوني عادي إلى عمل يشعرهم بضرورة التجنّد عاطفيًا ومهنيًا وبالتالي تهيئتهم للمقابلات الصحفيّة التي سيعبّرون خلالها عن هول الحدث.
أكتب هذا النص القصير كي أشير إلى موضوع شبكات البث وليس لهذا المسلسل حصريًا. ينتج الإسرائيليون عملًا دراميًا عن حدث مفصلي في حياتهم، يبث أولًا "في البيت"، يبث للمشاهد الإسرائيلي، إذا لم تكن نشرات الأخبار والتقارير اليومية كافية لتكريس خطورة السابع من أكتوبر في الذهنية الإسرائيليّة فليقدّم لهم مسلسل آخر يذكرهم بذلك، ويكون بث أولى حلقاته متزامنًا من يوم الحدث. لا مفر ولا هروب، إن فكرة الخطر الوجودي تحيط بهذا الجمهور من كل الجهات، وهذا ضروري من أجل تعزيز الفكرة السائدة حول ملاحقة اليهود عبر التاريخ، والخطر المحدق بهذه الأقلية القومية- الدينية، وهو مهم من أجل منح الشرعية للقصف المستمر على قطاع غزة وقتل الآلاف من الفلسطينيين. إن فكرة خلق التواصل ما بين المواطن والصناعة التلفزيونية والسينمائية، وضرورة مشاهدة العمل "في البيت" مفقودة لدينا كفلسطينيين نحمل أهم قضية إنسانيّة منذ 80 عامًا، فالعالم كله يشاهد إنتاجاتنا عبر المهرجانات ونتذيّل نحن في فلسطين قائمة المشاهدين! وعندما يكون العمل مثيرًا للجدل، أو لا يحظى بإجماع فإن النقاش حوله يأتي متأخرًا. الواقع المُعاش في فلسطيني لا يحتاج إلى عمل فني ليرفع من مستوى الانتماء والقناعة بعدالة القضية، لكنه ضروري ومهم لتطوير الصناعة وتصويب أهدافها، وتراكم خلّاق، وخلق شبكة علاقات إنسانيّة ترى في الفنون جزءًا من عملية المقاومة السلمية، فتدعمها وتقويها.
أما حول شبكات البث الأجنبية؛ الأمريكية على وجه الخصوص حيث تُجند ملايين الدولارات لتصب في خدمة أجندات محصورة ما بين الأردن والمتوسط؛ ففي العالم الغربي، هناك مُشاهد لا يستطع ولا يرغب بمشاهدة نشرات الأخبار، إن تشكيل مواقفه تجاه السابع من أكتوبر يمكن أن تتأثر بمشاهدة مسلسل أو فيلم، وتقديم عمل درامي مصنوع بحرفيّة وتقليد للواقع بأدق التفاصيل يمكنه أن يكون مؤثرًا. إن بث الإنتاج الإسرائيلي عبر قنوات ضخمة مثل fox وHBO جدير بالاهتمام، وعلينا مراقبته وفهم دوافعه السياسية التي قد تسبق في معظم الأحيان دوافعه التجارية.