أولاد الشمس: الصهيونية على شكل كيبوتس
سمير زعبي

(الصورة من الفيلم)

خلال مشاهدتي للفيلم الإسرائيلي "أولاد الشمس" تعجبت كثيرا. هذه هي المرة الاولى في حياتي التي أكتب بها عن فيلم إسرائيلي، وأحد الاسباب المركزية لذلك انها سينما ضعيفة فنيا، ومسيّسة من قبل النظام على مدار سنوات الاحتلال، وتخضع لرقابة صارمة تجعلها غير متطورة، لدرجة أن المخرجين الاسرائيليين ما زالوا عالقين في حيزهم الخاص والاناني بشأن مدى التطرق للمواضيع التي تهمنا كعرب وتهمهم كيهود. فهم يريدون اثبات جدارتهم غير المرئية، ووعيهم السياسي أشبه بمن يحمل منظارا ذا قدرة قوية على النظر من بعد. إضافة لذلك فإن أغلب الذين يعملون قي حقل الفن والسينما يعتبرون من اليساريين، لكنهم بنظري يساريين أمنيين وقوميين بنفس الوقت، ولا يمتون لليسار العالمي بصلة.

يتحدث الفيلم عن الجمعيات الزراعية او ما يسمى الكيبوتسات، والتي بدأ سكان الهجرة الثانية الذين وصلوا بمعظمهم من روسيا بإقامها سنة 1917. في البداية، كانت هذه المجموعات الصهيونية تأتي بشكل قليل، وتسيطر على مواقع نائية في بلادنا وتقيم هنالك بيوتا بسيطة واكواخ بهدف السيطرة التامة لاحقًا. في سنوات ال 20 تطور الوضع لتصبح كيبوتسات ذات طابع اشتراكي، بمعنى ان الكيبوتس للجميع والجميع للكيبوتس. أما ما أثار اهتمامي فهو نظام العيش الذي تم تطبيقه هناك. فالمسألة تبدأ عندما يولد طفل في الكيبوتس، لا يحق للأهل اعطاءه اسمًا الا بعد موافقة اللجنة الادارية التابعة للكيبوتس. منذ اليوم الاول لولادته، يأخذون الطفل الى مكان يسمى "بيت الأولاد" ويسمح للام ان تزور ابنها او ابنتها فقط لإرضاعه في أوقات محددة من قبل المنظمين هناك. يكبر الطفل ويرجع الى بيت اهله، يحصل كل ذلك لتوفير الايادي العاملة.

 اضافة لذلك فان الملابس التي كانت تستخدم هي ملك للكل اي اذا وصل الشخص الى مكان غسل الملابس فيجب عليه ان يأخذ ما هو موجود، لا يوجد ازياء ولا موضة، وجدوا حلا بسيطا وهو ان تكون هنالك ملابس موحدة، واذا كانت الملابس ضيقة فيجب قصها من القسم العلوي، اي عند الرقبة كي لا يكون هناك مبرر لعدم لبسها. اضافة لذلك فان الذين يعيشون هناك يقولون "مرحبا" مرة واحدة في النهار الواحد للآخر، اي إذا رأيت احدهم في الصباح وقلت له صباح الخير، ورايته في المساء فلن تلقي عليه تحية المساء لان ذلك يعتبر مضيعة للوقت.. الفيلم يُسرد من خلال شهادات كبار السن الذين ولدوا وترعرعوا في الكيبوتس.

الكيبوتسات من أكثر المنظمات التي صادرت اراضي الفلسطينيين واحتلتها، وحوّلت أجدادنا من مالكين للأرض الى عمال لديهم بأجور زهيدة. فهي تنعم بهذه الاراضي تزرعها وتبني فيها البيوت وتبيعها (ليس للعرب). اضافة لذلك فالكيبوتسات هي أكثر التجمعات السكانية التي ترسل أولادها الى سلاح الجو في جيش الاحتلال، وجنودا في وحدات النخبة. كذلك، تعيش الكيبوتسات في حالة من التعجرف تجاه كل شيء لا يشبه الكيبوتس، فهناك بوابات صفراء عند المداخل لا تسمح لاحد من الخارج الدخول اليها، وعادة ما يكون هناك حارس مع سلاح ويسأل الداخلين عن وجهتهم. هناك أيضًا الكيبوتس الديني الذي يعتبر من أكثر المجموعات انجابا للأطفال في الدولة، لانهم يعيشون على حساب دافعي ضرائب مثلي ومثلك، ولكن لا احد يوجه النقد لهم كونهم قوة في هذه الدولة، ويتم التعامل معهم كأنهم منزهين عن الأخطاء.

غالبية الكيبوتسات تضم اليهود الغربيين، الامر الذي ولّد ازمة قوية قبل سنوات عندما انتهت مرحلة الاحتكار الاولى والتي بلغت مدتها 49 عاما، على يد "مديرية أرض إسرائيل" (المنهال) الامر الذي ولّد مجموعة من مثقفين شرقيين بقيادة الباحث الاجتماعي سامي سموحه، للمطالبة بالحقوق بشكل متساوٍ بين الشرقيين والغربيين، والامر لم يجدِ نفعا لنيل اي حق بشكل متساوٍ فقد مددت الكيبوتسات والدولة فترة الاحتكار من 49 عاما الى 99 عاما وكل ذلك يأتي على حساب اراضي شعبنا الفلسطيني.

ترغبون بمشاهدة الفيلم؟ (اضغطوا هنا)

جميع الحقوق محفوظة © 2024