تفصيل ثانويّ.. النكبة على أطراف الأصابع
سماح بصول

أثارت رواية "تفصيل ثانوي" لعدنية شبلي، الصادرة عن دار الآداب، فيّ تساؤلات عدّة. تساؤلات حول المعاني التي تحملها خيارات الكاتبة، فإن كيفية ما تقول هو ما تقصد أن تقول. حاولت تقصي الخط الفاصل ما بين الأسلوب وحرية الكتابة وبين الانتقائية والرقابة الذاتية، وصراعات اتخاذ القرار على منضدة الكاتب.

فكرت في اعتماد المؤلفة كلمة او تفصيلًا ما وتكراره، كأكل العلكة أو استخدام وصف "النتنة" لرائحة الفتاة العربية – وتساءلت؛ هل هي رائحة الخوف؟ هل رائحة الخوف نتنة؟ أم هي رائحة الجريمة؟ وكيف لم تنجح قطعة صابون "الخواجات" في تخليصها من رائحتها؟

وتساؤلات أخرى حول الأفعال التي تقوم بها شخصيات الكاتبة والمواقف المترتبة عليها في الرواية وفي سياق الواقع، مثلا؛ هل نعتبر الضابط الصهيونيّ مجهول الهويّة بطلًا أنقذ الفتاة العربية من عذاب الاغتصاب؟ هل نعتبره إنسانًا لأنه أبقى على حياتها وقام بتنظيفها من رائحتها النتنة واقترح إيجاد عمل لها في مطبخ معسكره؟ أم على النقيض من ذلك كله نراه مختطفًا للشاهدة الوحيدة على مجزرة؟ مجرمًا؟ قاتلًا؟ مشوهًا للحقيقة والتاريخ؟ مُحتلًا؟ لماذا لم يقتلها حين قتل كل من كانوا بجوارها؟

تساءلت حول مبنى الرواية، هل جزؤها الأول - وهو اقتباس لمقال صحفيّ - يعتبر مقدمة تاريخية تساعدنا في تقصي أثر النكبة الذي لا نزال نعيشه؟ لم نُشر المقال في مصدره المتخيّل وفي اي مناسبة؟ لماذا تختار المؤلفة عدم منح أسماء للشخصيات والأماكن؟ هل يكفي ان تولد شخصية ما في تاريخ حادثة ما لتخوض رحلة بحث وتقصي محفوفة بخطر التعرّض لرصاصة جندي أو شرطي أو مستوطن؟ هل ما يربطنا اليوم بالنكبة هو مجرد تقاطع تواريخ؟

***

 

من مساحته التي كانت جرداء شاسعةً قبل أن يأتيها الاستيطان اليهوديّ فيحوّل القفار إلى حقول مُنتجة – كما يدّعون- تنطلق الحكاية. تتحرّك شخصيات نكرة كجنودٍ على لوح شطرنج، لا يميّزها عن بعضها إلا تعريفاتها الوظيفيّة العسكريّة وبعض تحركاتها في الحيّز السرديّ، بين كثبان الرمل باهتة اللون، تترك على أرض الواقع جرحًا لم يشفَ، لكنه يبدو في هذه الرواية كندبة تكاد تُرى أطلق عليها أصحاب الأرض اسم "مجازر".

 

في الثالث عشر من آب عام 1949 عندما كان ظل النكبة لا يزال جاثمًا بكل ثقل، ولم تكن الأرض قد استوعبت بعدُ ما حل فوقها، تُقتل امرأة عربية فتيّة وتدفن في رمل الصحراء، يتزامن ذلك، بعد 25 عامًا، مع ولادة امرأة عربية أخرى، في مكان قريب وحيثيات بعيدة. لكن ذلك تفصيلٌ ثانويّ، ثانويّ جدًا مقارنة برهبة السياق الواسع لكل هذه الحكايات وأخرى لم يحكيها أحد بعدُ عن النكبة. إن تقاطع الحدثين على تشابه التواريخ يجعل الرواية تستعيد في ثلثها الأول قصة الحدث الأكثر قِدمًا وتتبعه لاحقًا بالحدث الثاني الذي أسقط عليه هول الحدث الأول.

 

في ثلثها الأول تسرد الرواية حكاية ضابط من الفترة التي استوطنت فيها خيام جنود الحركات الصهيونيّة جنوب غرب فلسطين، وراحوا يجوبون الصحراء مرارًا وتكرارًا بحثًا عن متسللين قد يعبرون حدود الدولة الجديدة ويهددون أمنها، قد يكون هؤلاء من المصريين أو من الفلسطينيين الذي هُجّروا جنوبًا. في إحدى جولاتها تصطدم كتيبة جنودٍ ببعض العرب وجمالهم قرب نبع ماء، فيقتلونهم جميعًا، جميعًا بشرًا وحيوانات، سوى فتاة كانت تتكوّر مختبئة في زاوية ما، شاهدة على ما حدث، تُساق نحو المعكسر كغنيمة حرب على يد القائد الذي رافقنا اشتداد آلامه قبل بضع صفحات وهو يداوي نفسه من لسعة زاحف آخذة بالتفاقم.

 

يأخذ الضابط الفتاة الى المعسكر، حيث تتحوّل الى حكاية تشغل بال القارئ وتدمي قلبه، لم تذكر الرواية عمرها إلا أنها كانت فتاة، يتدفأ الضابط المصاب بحرارة جسمها حين تسري قشعريرة الألم في جسده، ويستغل جمع من الجنود جسدها في صورة تغيب عن السطور لكنها تضرب الخيال بكل قوّة، لكن الضابط، هذا المثير للجدل، يقودها من قيظ آب نحو ظل سقيفته، ويمطرها بماء من الخرطوم وينزع عنها ثيابا لم تلمس الصابون أياما وربما أشهر، وينادي من يقصّ شعرها حتى الاذنين ليُبيد ما قد يزدهر فيه من حضارات حَشريّة، ويهدد بالبندقية من يفكرون في العبث بها من جنوده، وحين يقتلها اخيرًا بعد انتهاك روحها يبدو قراره كقتلٍ رحيم لفتاة تعرّضت ولا تزال تعيش خطر تكرار إغتصاب جماعيّ على يد جنود الحركات الصهيونية الذين باتوا جيشُا نظاميًا لدولة حديثة النشوء. إن خيار الرواية جعل الضابط مجهول ينقذ الفتاة مرتيّن – مرّة من القتل ومرّة من استمرار اغتصابها- يدفعني لأفكر في الفرص، لقد أعطانا المحتل فرصة لنعيش لكننا خسرناها، خسرناها لأننا صمتنا، وخسرناها لأننا لم نتوقف عن البكاء، وخسرناها لأننا تركنا الخوف ورائحته النتنة يستبدان بنا. كم أراها خطيرة امكانية التفسير هذه، لكن خطورتها تزداد إذا ما فسرها آخرون غيري على هذه النحو أيضًا، ورؤوا في نص الرواية ما يشي بحصّتنا في خسارتنا أو اجتهاد المحتل في ابقاءنا أحياء. بالمقابل وإذا ما أردت أن أستوعب أمرًا آخر على النقيض من سابقه فقد أرى في قتل الفتاة على يد الضابط محوًا لأي شهادة على المجزرة، لكن عظامها التي آوتها الرمال ستجعل هذه الرغبة مستحيلة، فإن خمد صوتها ستصرخ عظامها، وبهذا يكون موقف الرواية من محاولات تشويه الحقائق واضحًا ومنصفًا ومنحازًا بصدق إلى الحق.

 

يُدخلنا جمعٌ من التفاصيل في بداية الرواية إلى حالة من عدم اليقين حول خيارات الكاتبة ومعانيها. فقد تكرر في غير موضعٍ أنّ رائحة نتنة تصدر عن الفتاة الأسيرة، حتى بعد ان لامس جسدها الماء والصابون وهُذّب شعرها ولبست ثيابا تشبه ثياب العسكر، حتى بعد ان قتلوها بسبع رصاصات بقيت رائحتها نتنة. فلماذا كل هذا التوكيد؟ وكيف لم تنجح قطعة صابون "الخواجات" في تخليصها من رائحتها؟

قد أدعي أنها رائحة الخوف، وقدأدعي أنها رائحة الجريمة، ويجوز أن أرى في الرائحة مجازًا لرابطٍ لا يمكن نزعهما عن المكان وأصحابه مهما حاول المُحتل ذلك، لن ينزع عنا صفات ولدت فينا ولن نكون يومًا جزءًا من مجموعته وإن بدونا ظاهريًا مثلها؛ لكن خيار الكاتبة إلصاق صفة النتانة بها يجعل تفسيري هذا مهينًا لعلاقة أيّ عربيّ بأرضه.

 

هذا الثلث الاول؛ الذي يتضح لاحقًا انه اقتباس مباشر لمقال كتبه صحافي اسرائيلي؛ كُتب في مطلع الرواية على شكل قصة يصعب فهم الهدف من الافتتاح بها وكتابتها على هذه الصورة. اذا اعتبرناها أسلوبًا فنيًا فهو جميل، أن نقرأ قصة ثم ننتقل بشكل حاد إلى مكان وزمان آخرين لنكتشف لاحقًا الرابط بين القصتين. لكن افتتاح الرواية بنصٍ كتبه صحافي إسرائيلي عمّا يبدو كقصة بطوليّة لضابط يقوم بواجبه مكابرًا على الجرح، فيه تقديم لروايتهم على روايتنا، وفيه تعظيم لما قدموه من أجل ما سموه وطنهم، وفي حيثيات القصة ما يجعل القارئ يتعاطف ويشفق على الضابط الذي يبرز رغم وظيفته العسكرية كونه إنسانًا يتألم كلّما تزايد قيح جرحه. تزداد إشكالية هذا الخيار برأيي في عدم أسماء للشخصيات والأماكن، لأن ذلك يجعل الرواية تلزم منطقة الراحة، وتعفيها نفسها من نبش الأرشيف الحقيقي واستحضار مجازر حقيقية وضحايا ومجرمون حقيقيون لهم أسماء وتواريخ وصور.

 

إن هذا الكم الكبير من التساؤلات والذي تستفزه الرواية ينهض ويبدأ بالتواتر والتزايد النابع من شعور بالقلق! فحتى لو كانت العمل الأدبي مسرحًا للخيال، تقتضي بعض الحكايات توخي الحذر والدقة في أن ألا تُفهم على أكثر من شكل، وألا تسبح في بحر الضباب والمساحات الآمنة، فتفاصيل النكبة وتاريخ فلسطين يفرضان ذلك.

 

***

 

في ثلثيّها الآخرين تتبّع الرواية حكاية امرأة ما، نكره هي الأخرى لا اسم لها ولا ملامح، تبدأ حياتها من تلك اللحظة التي نعرف أنها ولدت يوم مقتل الفتاة على يد جنود الاحتلال بفارق خمسةٍ وعشرين عامًا. يشكّل تقاطع التاريخ ونشر المقال حافزًا لهذه المرأة كي تخرج لتقصي الحقيقة دون أن نعلم طبيعة العلاقة بين الامرأتين. لا تبدو مصادفة التواريخ كافية ولا منطقية لتخوض ساكنة رام الله صاحبة بطاقة الهوية الخضراء رحلة محفوفة بخطر التعرّض لرصاصة جندي أو شرطي أو مستوطن بحثًا عن مدفن فتاة قتلت – كالكثير من الفلسطينيين- عام 49. إن التعرف على الحادثة من خلال نص اسرائيلي يعيدني من جديد إلى دائرة كتابة التاريخ الذي يحاول الأقوى احتكاره، لا الأصدق.

 

في نص سردي وصفي جاف يمتد طويلًا على صفحات الرواية، نرافق من قررت الخروج من رام الله للبحث عن بقعة دفنت فيها الفتاة؛ الفتاة تلك، بلا أسم، من بداية الرواية هل تذكرونها؟ الكثير من التفاصيل المتلاحقة بكثافة وسرعة تفتقر للحوارات، تعمدّت الكاتبة كتم صوت الشخصيات وأبقت الحريّة للراوي ليقول ما يشاء، فيجعل الاخير البطلة تتحرك على محاور مناطق A و B و C ، وتتجوّل في الأرض كمن تمتلكها، تحصل على هويّة بلونٍ وختم اسرائيليّ دون معاناة، وتحصل على سيارة مستأجرة بلا معاناة، مدعومة بزملاء في العملٍ "يحضرون في الحال " ومستعدون للمغامرة بمصيرهم في بلاد لا يحكمها قانونهم ولا أبناء شعبهم، تتذلّل الحواجز  وتبرد فوهات بنادق الجنود، وتصبح الأرض الفلسطينيّة فجأة جنّة لمن يعيشون فيها على الرغم من تصريح البطلة بأنها لا تحب الحياة، وجهدها ينصب على البقاء على قيد الحياة.

اذا كانت هذه الجزئية من الرواية تهدف إلى إيصال حقيقة للقارئ غير الفلسطيني عن طبيعة التقسيمات، والتقييدات المتعلقة بلون بطاقة الهوية، والحد من حرية الحركة والتنقّل، فهو اختيار جيد، لكن المسارعة في سردها تفرغ الحقيقة من الظلم، ويبدو منها أن كل شيء ممكن في هذا البلاد –فليتوقف الفلسطينيون عن التباكي! بامكانهم تبادل الهويات الملونة مع الأصدقاء كما يتبادلون أقلام "الماركر"، واستئجار السيارات باللوائح الصفراء ببطاقة اعتماد ليس لهم، واجتياز الحواجز أيام السبت وملاقاة الجنود الذين استغنوا عن يوم عطلتهم فيقضوا يومهم في تصفّح هوياتهم!

 

تتنقل البطلة باحثة عن قبر شهيدة المقال من تل أبيب حتى مستوطنة نيريم قرب قطاع غزة، مسلّحة ببعض الخرائط، تسير على شوارع جنوب غرب البلاد، تدخل المتاحف الاسرائيليّة وتلتقي الاسرائيليين وتبيت في شققهم المخصصة للايجار. يبدو جميع الاسرائيليون هنا لطفاء، ودودون، وثقتهم بالغرباء عالية. نعيش معها تنقلاتها ونطالع ما ترى، ويتحرك تركيزنا ما بين أسطر الرواية وخرائط چوچل باحثين عن موقعها الآن، إلى أن تعلن انتهاء رحلتها. إن إضفاء هذا الكم من اللطف على الاسرائيلي يدفعني للتفكير بتطبيع العلاقات وكيف شعرت ساكنة رام الله بالراحة التامة وسط من يُطلق عليهن لقب "العدو" في نشرات أخبار تلفزيون فلسطين! ويغيّب تمامًا حقيقة أن كل هؤلاء وأجدادهم وأولادهم جزء من منظومة الخدمة العسكرية الإلزامية التي يجثم ممثلوها في أبراج مراقبة تخنق الضفة الغربية كلها.

 

على بُعد أسطر قليلة من قرار العودة ومغادرة الصحراء، يُفاجئنا وإياها ظهور عجوز تكتسي بالأسود، تذكرنا ثيابها بثياب فتاة غادرتنا قبل اكثر من مئة صفحة، ونحتار فيما اذا كانت عجوزا حقيقية ام أن البطلة توهمت ذلك، ام انها صورة القدر الذي يريد ان يقودها الى منطقة عسكرية ومصير محتوم.

لقد كانت مقارنة العجوز بالفتاة القتيلة بالغة الوضوح والمباشرة وتفتقر الى التشويق، تمر علينا هذه الأسطر فنقول: آآآه هذه روح الفتاة التي قتلت هنا.  تدخل بطلتنا منطقة عسكرية، تتوغّل فيها، تلحظ بقايا رصاص فتلتقطها، ثم يباغتها صوت جندي معزز بكتيبة من زملائه طالبًا منها التوقف، ويُعلن صوت إطلاق نار بعيدٍ خاتمة الرواية وتربما تكرار التاريخ لنفسه وكأنها إشارة بصوت خافت: لم ننته النكبة.

 

لم يكن هذا مفاجئًا في الحقيقة، فإن من يعيشون في فلسطين يعون جيدًا معنى التغاضي – سهوًا او عمدًا- وإدارة الظهر للافتة صفراء اللون كتب عليها بالخط العريض "منطقة عسكرية"، فلمَ تقحم الكاتبة بطلة من مناطق A في منطقة عسكرية، إلا إذا كانت تنوي منحها "الشهادة"!

***

 

شهد هذا العام تراجعًا عن منح الكاتبة عدنية شبلي في مهرجان فرانكفرت للكتاب. تزامن ذلك مع الهجوم الذي نفذته حركة حماس على بلدات محيط غزة الاسرائيلية. أميل للاعتقاد بأن ضغطًا مورس لمنع هذا التكريم، قد يكون من حركات صهيونية وقد يكون قرار اللجنة ذاتها التي رأت في أن منح الجائزة لفلسطينية بالتزامن مع هذا الحدث أمرًأ "غير لائق". أما أن يكون السبب هو أن الرواية تتحدث عن النكبة، فلا أميل لاعتقاد ذلك لأني أرى في طريقة استحضار النكبة هنا كمن يمشي على أطراف أصابعه لألّا يوقظ تنينًا نائم.

تكرار قراءة الرواية يكشف عن جمالية ما في فكرة تحوّل التفصيل الثانوي الى خالق لواقع. لكن هذا التفصيل الثانوي يهيمن بثانويته على سريان الأحداث، فتصبح معظم الأشياء عابرة بسبب تزاحم التفاصيل واللهث وراء حدثٍ كبير قادم.

إن طريقة الرواية في عرض الحياة الفلسطينية المأساوية، والتقسيمات للأرض وتقييدها للفلسطيني، والفوقية اليهودية، وإجرام الاحتلال، بشكل يميل الى السخرية أفرغ الظلم من محتواه الحقيقي، وأظهر الاحتلال كأمر واقع يعيش معه الفلسطيني ويتعايش دون أي محاولة للانتفاض ضده.

خيار هذه الرواية لصورة تعكس الاسرائيلي الانسان فيها مخاطرة كبيرة أمام القارئ غير العربي الذي قد يعتقد بأن الإحتلال "خفيف" او "قليل الدسم". لا أدّعي هنا أنه يجب نزع الإنسانية عن كل اسرائيليّ، لكن هذه الإنسانية تخضع للاختبار على حاجز قلنديا وخلف البوابة الصفراء للمستوطنة.

***

تعيد الرواية لذهني فيلم "فرحة" ومشهدًا يُصور جنديً من العصابات الصهيونية يبكي أمام أمر قائده له بقتل طفل. يتذكر أجدادنا وبعض أهالينا فظائع ارتكبت خلال أهم حدث في تاريخ الشعب الفلسطيني، ويهذي بعضهم عند إصابته بالزهايمر مستعيدًا لحظات رعبٍ كان شاهدًا عليها، ويحمل بعض أهالينا أمراضًا مردّها إلى الشعور بالعجز والقهر وخسارة الوطن. ونحن لسنا بعيدين عن هذه المشاعر الثلاث الاخيرة.

إن قرار حرمان شبلي من الجائزة، ومحاولات كتم الصوت الفلسطيني ومنعه من الوصول إلى العالم، يجعلني أفكر في كم الجرأة  الذي يجب التحلي به كي نكتب عن النكبة، لأن هذه القصص لا تُكتب بنفسيّة الهزيمة.

اذا كان هناك من يرغب في الكتابة عن الرواية الفلسطينية، فعليه أن يكتب لنا أولًا، ولتاريخنا ثانيًا، لا إرضاءً للجنة ما تقدّم جائزة ما، وألا يحذر في انتقاء الكلمات خشية ان يقبض عليه احدٌ متلبسًا بالانتماء لهويته الفلسطينية، فإن هذه الهوية ليست تفصيلًا ثانويًا.

 

جميع الحقوق محفوظة © 2024